الصلاة قرة عيون المحبين في هذه الدنيا لما فيها من مناجاة من لا تقر العيون ،  ولا تطمئن القلوب ولا تسكن النفوس إلا إليه ، والتنعم بذكره  والخضوع له 

ومن قول النبي صلى الله عليه وسلم : " قم يا بلال فارحنا بالصلاة " فأعلم بذلك أن راحته في الصلاة  كما أخبر أن قرة عينه فيها 

فالمحب قرة عينه وراحته في الصلاة والغافل المعرض ليس له نصيب من ذلك ، بل الصلاة كبيرة شاقه عليه .

ما ينبغي أن يعلم : أن الصلاة التي تقر بها العين  ويستريح بها القلب هي التي تجمع ستة مشاهد :


المشهد الأول : الاخلاص 

وهو أن يكون الحامل عليها والداعي إليها رغبة العبد في الله ومحبته له وطلب مرضاته والقرب منه والتودد إليه وامتثال أمره 


المشهد الثاني : مشهد النصح والصدق 
وهو أن يفرغ قلبه لله فيها ويستفرغ جهده في اقباله فيها على الله وجمع قلبه عليها وايقاعها على أحسن الوجوه واكملها ظاهراً وباطناً ، فإن الصلاة لها ظاهر وباطن فظاهرها : الافعال المشاهد والأقوال المسموعة
وباطنها : الخشوع والمراقبة وتفريغ القلب لله والاقبال بكليته على الله .


المشهد الثالث : مشهد المتابعة والاقتداء 
هو أن يحرص كل الحرص على الاقتداء في صلاته بالنبي صلى الله عليه وسلم ويصلي كما كان يصلي فإن الله أمر بطاعة رسوله واتباعه 

المشهد الرابع : مشهد الاحسان 
وهو مشهد المراقبة وهو أن يعبد الله كأنه يراه ،وهذا المشهد إنما ينشأ من كمال الايمان بالله وأسمائه وصفاته ، حتى كأنه يرى الله فوق سمواته مستوياً على عرشه يتكلم بأمره ونهيه ويدبر أمر الخليقة فينزل الأمر من عنده ويصعد إليه وتعرض أعمال العباد وأرواحهم عند الموافاة عليه 
ومشهد الاحسان أصل أعمال القلوب كلها ، فإنه يوجب الحياء ، والاجلال ، والتعظيم ، والخشية ،والمحبة، والانابة، والتوكل والخضوع لله والذل له ويقطع الوسواس وحديث النفس ويجمع القلب والهم على الله .


المشهد الخامس : مشهد المنة 
وهو أن يشهد أن المنة لله كونه أقامه في هذا المقام وأهله له ووفقه لقيام قلبه وبدنه في خدمته فلولا الله لم يكن شيء من ذلك 
فالمنة لله وحده في أن يجعل عبده قائما بطاعته وكان هذا من أعظم نعمه عليه 
وهذا المشهد من أعظم المشاهد وأنفعها للعبد وكلما كان العبد أعظم توحيداً كان حظه من هذا المشهد أتم 
وفيه من الفوائد أن يحول بين القلب وبين العجب بالعمل ورؤيته 
ومن فوائده أنه يضيف الحمد إلى وليه ومستحقه فلا يشهد لنفسه حمداً بل يشهد كله لله وإذا صار لقلبه مشهداً أثمر له من المحبة والأنس بالله والشوق إلى لقائه والتنعم بذكره وطاعته ما لا نسبة بينه وبين أعلى نعيم الدنيا ألبتة 


المشهد السادس : التقصير 
وأن العبد لو اجتهد في القيام بالأمر غاية الاجتهاد وبذل وسعه فهو مقصر ، وحق الله عليه أعظم ، والذي ينبغي له أن يقابل به من الطاعة والعبودية والخدمة فوق ذلك بكثير ، وأن عظمته وجلاله يقتضي من العبودية مايليق بها 
وإذا شهد العبد من نفسه أنه لم يوف ربه في عبوديته حقه ولا قريباً من حقه علم تقصيره ولم يسعه مع ذلك غير الاستغفار والاعتذار من التقصير والتفريط وعدم القيام بما ينبغي له من حقه 



مقطع مؤثر عن الصلاة : 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يسعدنا رأيكم ()"