لماذا نتحدث عن الأخلاق ؟؟!!
أنها مبينة على القيام بحقوق الله وحقوق العباد ابتغاء وجه الله ..
أنها من دلائل الإيمان .. قال صلى الله عليه وسلم : " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً " ..
أنها أكثر ما يدخل الناس الجنة .. سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ، فقال : " تقوى الله وحسن الخلق " ..
ما الرابط بين تقوى الله وحسن الخلق ؟؟
قال ابن القيم : تقوى الله يصلح ما بين العبد وبين ربه وحسن الخلق يصلح ما بينه وبين خلقه ..
أنها من أفضل ما يتزين به المسلم ويتعبد الله به .. وفي الحديث : " .......... ،، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه " ..
بها ترجح كفة الميزان في الآخرة .. " ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق " ..
يرفع درجة صاحبه فيبلغ درجة الصائم القائم ..
يوجب التحاب والتآلف بين الأفراد فترفع صاحبها في الدنيا والآخرة ..
* هي القاعدة التي تبنى عليها قواعد التعامل مع الآخرين وهي قاعدة حسن الخلق ..
وجماع ذلك كله الإحسان إلى الخلق والعفو عن الناس وكظم الغيظ ..
ﭧ ﭨ                           ﭧﭨ         
ما هو العفو ؟؟ هو كف الضرر مع المقدرة عليه ..
والعفوّ .. اسم من أسماء الله تبارك وتعالى .. ﭧ ﭨ ﭽ             ﯓﯔ            
ومعناه : التجاوز عن الذنب وترك العقاب عليه وأصله ( المحو والطمس ) ..
ما الفرق بين العفو والغفران ؟؟
العفو : هو المحو .. فيمحو السيئات ويتجاوز عن المعاصي ..
الغفران : ستر المعاصي .. فالعفو أبلغ من الغفران ..
وحظ العبد المؤمن من هذا الاسم .. أن يعفو عمن ظلمه ويتخلق باسم من أسماء الله عز وجل ..
فضل العفو في الإسلام :
شعار الصالحين الأتقياء ..
أنه بعفوه يكتسب العزة من الله .. وفي الحديث : " ... وما زاد الله رجلاً بعفو إلا عزاً .... "
ما السر في أن العفو من مفاتيح العز ؟؟
هو أن الإحسان على درجات .. وأثقل الإحسان على النفس هو نسيانها حقوقها وتجاوزها عن مطالبها .. وأخبر الله تعالى أنه مع المحسنين ، فقال : " وإن الله لمع المحسنين " ..
الفرق بين كظم الغيظ والعفو :
الكاظمين الغيظ : هم الذين لا يعملون غضبهم في الناس بل يكفون عنهم شرهم ..
العافين عن الناس : هم الذين يعفون عمن ظلمهم في أنفسهم فلا يبقى في أنفسهم موجدة على أحد ..
ولا يظن أن العفو وكظم الغيظ وكف الغضب سمة ضعف في الإنسان بل هو دليل على القوة والشدة وبعد النظر والعقل والحكمة  ،، قال عليه الصلاة والسلام : " ليس الشديد بالصرّعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب  " ..
والعفو سمة الأنبياء ..
نبي الله يوسف عليه السلام رد على إخوته بقوله :          ﯓﯔ      ﯗﯘ          
نبينا الأكرم عليه الصلاة والسلام ، يدخل مكة فاتحاً ، فيقول لمن ظلمه وطرده وآذاه : " اذهبوا فأنتم الطلقاء " ..
وقصته مع أهل الطائف يوم أن جاءه ملك الجبال يريد أن يطبق عليهم الأخشبين فقال له : " بل أرجو الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً " ..
وقصته مع الأعرابي الذي جبذ بردائه جبذة شديدة حتى أثر في عاتق صفحة النبي صلى الله عليه وسلم .. ثم قال : يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك .. فالتفت إليه فضحك ، ثم أمر له بعطاء ..
وكذلك أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه .. لما كان ينفق على مسطح بن أثاثة الذي تكلم في عرض الصديقة رضي الله عنها ، فلما أوقف عنه النفقة ونزل قول الله تعالى :                 ﭿ                 ﮆﮇ    ﮉﮊ            ﮐﮑ            قال : بلى أحب أن يغفر الله لي وعاد إلى ما كان عليه من الإحسان عليه ..
ثمرات العفو :
ü  نيل العفو والمغفرة من الله عزّ وجل .. ﭧ ﭨ ﭽ            ﯗﯘ              
ü  العفو هو طريقنا إلى " الحظ العظيم " ﭧ ﭨ            ﮎﮏ                                                                                     
ü  أجر الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء جميعهم في عفوهم ..
ü  العفو دليل على كمال النفس وشرفها ..
ü  العفو ينشر محبة الله ومحبة الناس ..
ü  الحصول على الخير الدنيوي والأخروي ..
انتهى ..


مكمل اليوم حديثنا عن الهم الذي يؤرق الصالحين وهو " الإخلاص "

-      ثمرات الإخلاص :
1 . الأمن من إغواء الشيطان لقوله تعالى : قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم ..."
2. النجاة من عذاب الآخرة لقوله تعالى :"إنكم لذائقوا العذاب الأليم وما تجزون إلا ما كنتم تعملون إلا عباد الله المخلصين "
3. تحمل الصعاب في الدنيا لأنه إن أخلص العمل يتذكر الجنة وعدم إضاعة الله لأعماله لأن نيتك لله فلا تندم على فعلك للأعمال ولو كانت صعبة " الأعمال الدعوية "
4.يضع الله المحبة والقبول للمخلص لقوله تعالى :" إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا "
5.تطهير القلب من الغم والحسد لأن أهدافك لا تكون دنيوية بل تكون لله فعليك بتجديد النية في جميع أعمالك مثل : بر الوالدين ، فاجعل نيتك لله واخلص العمل له .
6. تنفيس الكربات مثل : أصحاب الغار فعندما سألوا الله بأعمالهم التي كانت خالصة لله ففرج الله عنهم كربتهم وفي قصتهم دلالة على أن التوسل بالعمل الصالح جائز .
7.الإخلاص سبب لنصرة الأمة عن الرسول صلى الله عليه وسلم :" إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها : بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم "


علامات العمل المخلص :
1 . إسرار العمل وإخفائه والحرص على عدم علم الناس به
أيوب السخستاني كان يعظ الناس فبكى ومسح أنفه بالمنديل وقال : ما أشد هذا الزكام لكي لا يعرف الناس إخلاصه وبكائه من خشية الله .

*يجوز إظهار العمل ليقتدي الناس بك لقوله تعالى :" إن تبدوا الصدقات فنعما هي "

2. استواء المدح والذم عند المخلص فلا يؤثر فيه مدح الناس له أو ذمهم له لأن المخلص يتيقن أن عمله لله .
3. المخلص إذا عرض له أمران أحدهما لله والآخر للدنيا آثر نصيبه من الله .
قال ابن القيم :
" إنما يجد المشقة في ترك المألوفات والعوائد من تركها لغير الله أما من تركها لله صادقاً مخلصاً من قلبه فإنه لا يجد فيها مشقة إلا في أول الأمر ليمتحن أصادق هو أم كاذب فإن صبر استحالت إلى لذة "

4. المخلص في احسانه للخلق لا ينتظر منهم جزاء أو إحسان , لأنك تتقرب بهذا العمل لله وليس للناس فلا يهمك الأجر والشكر .


علامات ضعف الإخلاص :
1 . تأخير الصلوات عن وقتها لقوله تعالى :" فويل للمصلين الذين عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون "
2 . القيام بالعبادة بخمول وكسل لقوله تعالى :" إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس "
الحرص على اظهار الأعمال عند من لم يرها .


وقفات للشيخ السعدي :
1 .
أ ) إذا العبد أراد بعمله كله الدنيا فهو ليس له في الآخرة نصيب منه
ب ) إذا العبد أراد بعمله الله والدنيا فهو ناقص الإيمان بقدر ما أنقص من نيته
ج) إذا العبد أراد بعمله الله وله جعل فهو يقبل عمله ولا ينقص من نيته شيء
2 . لا تترك العمل خوفاً من الرياء

أسباب جلب الإخلاص للعمل :
1 . تذكر آثار المخلصين العظيمة ومن ذلك محبة الله للمخلص
قال ابن القيم : " الأعمال لا تتفاضل بصورها بل بما في القلوب "
" كم من عمل كبير أفسدته النية فأصبح هباءً منثوراً وكم من عمل صغير عظمته النية فكان كالجبال "
2. تذكر رقابة الله  لك واستشعارها
3. تذكر الموت وقصر الدنيا دون تجميع الأعمال الخالصة لوجه الله .
4. معرفة النعيم المعد للمخلصين في قوله تعالى :" إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات واخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون "
5. كتمان العمل
مثل : ذكر في سيرة داوود بن أبي هند أنه صام أربعين سنة دون علم أهله "
6. مجاهدة النفس في إخلاص العمل لله
7. مدافعة الرياء فلا يضر العمل مادمت تكرهه بل تؤجر على مدافعة الرياء
8. الاستزادة من الأعمال الصالحة
9. الدعاء " اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئاً نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه "




من أهمية الإخلاص
* يقابله نعيم الجنة
*أن النية تدخل في 70 بابا من أبواب الفقه
*عَنْ أَنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزَاةٍ ، فَقَالَ : " إِنَّ أَقْوَامًا بِالْمَدِينَةِ خَلْفَنَا ، مَا سَلَكْنَا شِعْبًا وَلا وَادِيًا إِلا وَهُمْ مَعَنَا فِيهِ ، حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ"
*جاء رجل من الأعراب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به و أسلم ثم قال : يا رسول الله أهاجر معك ، فأوصى به الرسول القائد بعض أصحابه .فلما كانت غزوة خيبر غنم المسلمون غنائم فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسمها بين المسلمين ، وكان الأعرابي يرعى ظهرهم ويحرسهم فقسم له الرسول حصة من الغنائم وأوكل أحد المسلمين ليوصلها له ،فلما دفعها إليه قال : ما هذا ؟ قال : قسم قسمه لك رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغنائم .فحمل الأعرابي المؤمن غنيمته وأتى بها الرسول القائد وقال : يا رسول الله ما هذا الذي أرسلت إلي ..؟
قال عليه الصلاة والسلام :قسم قسمته لك مما أفاء الله علينا..فقال الأعرابي المؤمن:بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما على هذا اتبعتك ولكن اتبعتك على أن أرمى هاهنا بسهم وأشار إلى حلقه فأموت في سبيل الله فأدخل الجنة. فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: إنك إن تصدق الله ليصدقنك .ولم يلبث القتال أن احتدم بعد قليل ، حتى إذا انجلت المعركة أتي بالأعرابي وقد نفذ سهم من حلقه فأرداه شهيداً .فقال الرسول صلوات الله وسلامه عليه : أهو هو ..؟ قيل : بلى يا رسول الله .قال : يرحمه الله صدق الله فصدقـــــــــه"

*النية أساس قبول كل عمل
*الأعمال الدنيوية إذا احتسبنا فيها النية أُجِر الإنسان عليها
*عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير، ويَحمَده الناس عليه؟ قال: ((تلك عاجل بُشرى المؤمن))

إذا انتهيت من العمل وأثنى الناس عليه ولكنه كان ابتداءً لله ولم يعني لك ثناء الناس

أن رسولَ اللهِ _صلى الله عليه وسلم_ الْتَقَى هو والمشرِكون فاقْتَتَلوا ، فلما مالَ رسولُ اللهِ _صلى الله عليه وسلم_ إلى عَسكرِهِ ومالَ الآخرون إلى عسكرِهِم ، وفي أصحابِ رسولِ اللهِ _صلى الله عليه وسلم_ رجلٌ لا يَدَعُ لهم شاذَّةً ولا فاذَّةً إلا اتَّبَعَها يَضربُها بسيْفِهِ ، فقيل : ما أجْزَأَ منا اليومَ أحدٌ كما أجْزَأَ فلانٌ ، فقال رسولُ اللهِ_صلى الله عليه وسلم _: ( أمَا إنه مِن أهلِ النارِ ) , فقال رجلٌ مِنَ القومِ : أنا صاحِبُه ، قال : فخرَجَ معه كلما وقَفَ وقَفَ معه ، وإذا أسرعَ أسرعَ معه ، قال : فجُرِحَ الرجلُ جُرحًا شديدًا ، فاستعجلَ الموتَ ، فوضع سيفَهُ بالأرضِ وذِبابَهُ بين ثدْيَيْهِ ، ثم تَحامَلَ على سيفهِ فقتَلَ نفسَه ، فخرَج الرجلُ إلى رسولِ اللهِ _صلى الله عليه وسلم_ فقال : أشْهدُ أنَّك رسولُ اللهِ ، قال : ( وما ذاكَ? ) . قال : الرجلُ الذي ذَكَرتَ آنِفًا أنه مِن أهلِ النارِ ، فأَعْظَمَ الناسُ ذلك ، فقلتُ : أنا لكم به ، فخرَجْتُ في طلَبِه، ثم جُرِحَ جُرحًا شديداً ، فاستَعجلَ الموتَ ، فوضعَ سيفَه في الأرضِ وذبابَه بين ثدييه ، ثم تحاملَ عليه فقتَلَ نفسَه . فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عند ذلك :إن الرجلَ لَيعملُ عملَ أهلِ الجنةِ ؛ فيما يبدو للناسِ ، وهو مِن أهلِ النارِ ، إن الرجلَ ليعملُ عملَ أهلِ النارِ ، فيما يبدو للناسِ ، وهو مِن أهلِ الجنةِ .

*يقول الإمام أحمد في قصة المقاتل الذي قال عنه النبي عليه الصلاة والسلام " هو من أهل النار" :
في هذا إشارة إلى أن في قلب هذا الشخص داخله سوء تظهر عند خاتمته ..

*قال الحافظ بن رجب رحمه الله : فإن خالط نية الجهاد مثلاً نية غير الرياء مثل أخذ أجرة للخدمة ، أو أخذ شيء من الغنيمة ، أو التجارة ، نقص بذلك أجر جهادهم ولم يبطل بالكلية ..بل اجعل مشيك وحجك وجهادك عبادة خالصة لله تعالى .
وهذه الأشياء تحصل تبعاً للإخلاص .. وهذه الأشياء تحصل تبعاً للإخلاص الذي ينعقد في القلب.

*النية سبب في حسن الخاتمة أو سوءتها
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً نطفه ثم يكون إن علقه مثل ذلك ثم يكون مضغه مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وٍأجله وعمله وشقي أم سعيد فو الله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها "
وهذا لا يكون إلا بحسب النية
*الخاتمة لا يعلمها إلا الله
قال أحد الكتاب : يا ليت الخاتمة الحسنة تُباع فأشتريها
*انظري إلى أعمالك الصالحة نظرة مقصورة لأن منها ما قد خالطها الرياء أوخدشها النقص وإنك لا تدرين ما الذي قُبل منها .. وانظري إلى سيئاتك باستعظام
*إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام دعا الله أن يتقبل منهما مع أنهما أنبياء
قال تعالى : " وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ "

 
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله معلقا على هذا الحديث :( وسبب ذلك أن الناس في زمن الفتن يتبعون أهوائهم ولا يرجعون إلى الدين فيكون حالهم شبيها بحال الجاهلية فإذا انفرد من بينهم من يتمسك بدينه ويعبد ربه ويتبع مراضيه ويجتنب مساخطه كان بمنزلة من هاجر من بين أهل الجاهلية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمنا به متبعا لأوامره مجتنبا لنواهيه  أ.هـ"


ونبينا الكريم صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر هرع وفزع إلى الصلاة.

جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا " فالرسول صلى الله عيه وسلم حث على المبادرة إلى الأعمال الصالحة عند حلول الفتن من صلاة وصيام وصدقة وبر وأداء للحقوق الواجبة عليك وصلة الرحم وقراءة القرآن وغيرها من الأعمال ثبتنا الله وإياك على الطاعة .


العاصم الرابع : تربية النفس على الإيمان بالله و باليوم الآخر :

فبالإيمان بالله : يحصل تعظيمه وتعظيم أمره ومراقبته في السر والعلن , بالإيمان بالله يغرس في القلوب محبته ومرضاته وتقديمها على كل المحاب , بالإيمان بالله يتعرف على الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى فيظهر أثرها على السلوك والأخلاق ويظهر قوة الإيمان بها وقت الفتن والشدائد .

والإيمان باليوم الآخر واليقين الجازم بما أعد الله في ذلك اليوم للمحسنين وما أعد للمسيئين تحصل العصمة بإذن الله من المغريات والشهوات التي هي ظل زائل ولا يعرف حقيقة الدنيا إلا من عرف حقيقة الآخرة وما أعد الله للمؤمنين , يقول جل وعلا : ( فأما من طغى وآثر الدنيا فإن الجحيم هي المأوى , وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى ) ويحصل اليقين بكثرة قراءة كتاب الله بتدبر وتمعن ويتدبر ما أعد الله لعباده المؤمنين الذين حرموا نفسهم من الشهوات المحرمة خوفا من الله وقاموا بما أوجب الله عليه من العبادة طمعا في الأجر من الله ويقرأ في كتاب الله ما أعد الله لمن عصاه من الويل والثبور فيكون زاجرا له عن الوقوع في الفتن ولقد كان منهج النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في تربيته لهم أن يربيهم ويعلق قلوبهم بما أعد الله لهم في الجنة حتى في أحلك الظروف وأقسى الفتن فهذا صلى الله عليه وسلم يمر بآل ياسر وهم يعذبون ويسحبون في رمضاء مكة فيقول لهم صلى الله عليه وسلم (صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة ) ولم يعلقهم ويعدهم بشيء من حطام الدنيا .


العاصم الخامس : العمل بالعلم والدعوة إلى الله :

فإن العامل بدين الله الذي يبلغه وينشره الذي يأمر بالمعروف وينهاهم عن المنكر هو من أبعدهم عن الوقوع في الفتن الذي ينصح للمسلمين ويدلهم على كل خير هو أكثر الناس بعدا عن الوقوع في الخلل والزلل وأكثر الناس توفيقا وهداية وسدادا , يقول الله جل وعلا : (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا , وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما , ولهديناهم صراطا مستقيما ) , فحصل لمن عمل بما يوعظ به : الخيرية والثبات والأجر العظيم والهداية  للصراط المستقيم .


العاصم السادس : الخوف من الفتن والفرار منها :

وعدم الاغترار بالنفس , إن المؤمن الصادق المتواضع الذي يخاف على نفسه , ومن خاف نجا ومن أمن أهلك .

النبي صلى الله عليه وسلم والخوف من الفتن :

<!--[if !supportLists]-->-        <!--[endif]-->( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك  )

<!--[if !supportLists]-->-        <!--[endif]-->) اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي ، وإسرافي في أمري ، وما أنت أعلم به مني ، اللهم اغفر لي جدي وهزلي ، وخطئي وعمدي ، وكل ذلك عندي ، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما اسررت وما أعلنت ، وما انت أعلم به مني ، انت المقدم وانت المؤخر ، وانت على كل شيء قدير )



فإذا رأيت فتنة مال أو نساء أو غيرها من الفتن فابتعد , وإياك ومواطن الفتن والريب , حتى لا يصيبك منها شيء , وقد علمنا سلفنا هذا المنهج فكانوا يخافون منها , فهذا ابن أبي مليكة يقول :

" أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليهم وسلم كلهم يخشى النفاق على نفسه " أ.هـ , وهذا أبو هريرة رضي الله عنه يقول : تكون فتنة لا ينجي منها إلا دعاء كدعاء الغرق " أ.هـ , أي الي بلغ منه الخوف والوجل كخوف الذي أوشك على الغرق .

والخوف من الفتن المحمود ما كان باعثا على العمل فهذا نبينا الكريم خاف من الفتن فهرع الى العمل الصالح فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أم سلمة قال استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقال سبحان الله ماذا أنزل الله الليلة من الفتن وماذا فتح من الخزائن أيقظوا صواحبات الحجر فربَ كاسية في الدنيا عارية في الآخرة .

ابن الجوزي؛ ما رأيت فتنة أعظم من مقاربة الفتنة , وقل أن يقاربها إلا من يقع فيها , ومن هام حول الهمى يوشك أن يقع فيه .

وإذا أراد الله بعبده خيرا رزقه اليقظة في حياته , فيكون حذرا خائفا من زيغ قلبه .


كيف يعرف الإنسان أنه وقع في الفتنة أم لا ؟

أخيرا أختم هذا الحديث عن الفتن بهذا الأثر عن حذيفة رضي الله عنه – الفقيه بالفتن وما ورد فيها – كما جاء عند الحاكم وصححه ووافقه الذهبي , أنه قال : " إذا أحب أحدكم أن يعلم أصابته الفتنة أم لا ؛ فلينظر فإن كان رأى حلالا كان يراه حراما فقد أصابته الفتنة , وإن كان يرى حراما كان يرى حلالا فقد أصابته الفتنة " أ.هـ

فمن الفتن التي لا يعلمها كثير من الناس التقلب في الدين والرأي على غير هدى وبصيرة فمرة يؤيد الحق وأهله ومرة يؤيد الباطل وأهله والمهتدي من هداه الله والمعصوم من عصمه الله .


صور التعرض للفتنة :-

<!--[if !supportLists]-->-        <!--[endif]-->مصاحبة رفقاء السوء .

<!--[if !supportLists]-->-        <!--[endif]-->المواقع الشيعة والملحدين .

<!--[if !supportLists]-->-        <!--[endif]-->قراءة كتب الإلحاد والزندقة .