كـ الدِّيَمِ نطمح أن نكون
حيثما كنا نفعنا ()
محطة للكل ؛فالغيث لا يختص بأحد دون أحد
نفيض على قلب كل باحث عن فكرة أو لمسة - بغدق =")
مصلى الفرسان يطرح هنا قطف كل يوم بيومه .. ليكون لكم منارة ()

بطل حكايتنا عانى من ألم في رأسه مدة من الزمن .. حتى تبين أنه ورم في رأسه وكبير ولا يحتمل تأخر العملية .. فُجع وفُجعت أسرته معه .. وتألمنا جميعا للخبر .. الحكاية طويلة وليس في صفحتنا مجال لذكر تفاصيلها كما في مصلانا .. ولكن أثارني النبأ فسنتناول ما منه تعلمنا ..

·        ما أضعف ابن آدم وما أهون الدنيا وأحقرها .. نبأ قلب كيان الأسرة .. وقدر من أقدار المولى عز وجل كان سببا في هم يخيم على الأسرة .

·        كم محنة أورثت منحة .. وكم من نقمة خلّفت نعمة ..فكم كان هذا البلاء سببا لقربهم من ربهم وتوجههم إليه ، وتوسلهم إليه بأعمالهم الصالحة ، وتكثيف جهدهم في الصدقة ، واستنفار طاقاتهم بدعاء الله عز وجل وتحين أوقات الإجابة ، حتى من صغارهم .

·        أن الله إذا أنزل البلاء والمصاب أنزل معه العزاء .. فمما لا شك فيه أن تلك الأسرة لم تكن تتصور هذا المصاب يوما في أحد أفرادها ،وأي فرد فيها ؟!عمودها وربها وبأتم صحته وعافيته،ولكن الله عز وجل يعين عبده إذا أنزل عليه المصيبة ويربط على قلبه .

·        الحمد لله على نعمة الإسلام .. وما أكثر نعم الله علينا .. وما أعظم الاستخارة .. كيف لا وهي تربط قلب العبد بربه برباط وثيق.. ألا وهو الدعاء .. كيف لا وهي تعين العبد على الاطّراح بين يدي الله وتمام التوكل عليه وتفويض الأمر إليه والثقة في تقديره ، والاطمئنان لذلك التقدير .. وذلك تمثل حين احتاروا وبقوة هل ينصرفون عن العملية ويكثفون الرقية والدعاء لترجح اشتباه العين في أمره ، وهذا الرأي الذي رجحه غالب من حولهم وهيؤوا لهم الأسباب له ، أم يجرون العملية ويتبعونها بجلسات العلاج .. فجاء الإرشاد الإلهي والخيرة الحكيمة التي لا تعتمد رؤيا البشر القاصرة المحدودة ..بأن يجروا العملية .. وأتبع بفضله لهم الاطمئنان التام والنتائج المرجوة .

·        سجود الشكر سنة مجهولة ،و قربة إلى الله ، فيه يتمثل الإقرار بأن كل نعمة تستجد أو نقمة تزول – فكلها من الله ، لا يد لأحد من البشر فيها ، لا براعة طبيب ولا رقي مشفى ولا ذكاء عامل ولا غيره ..

فما أجمل تلك الصورة يوم سجدت الأسرة كلها حتى صبيانهم – شكرا لله على نجاح العملية .

·        من فضل الله على عبده وتهوين البلاء عليه أن ينزل عليه بلاءات بسيطة بين يدي هذا البلاء ، ليشغله بها ويهيئ نفسيته ، حتى يخفف وقع البلاء الأكبر  عليه .

·        اترك المستقبل حتى يأتي .. عبارة رددها كثيرون ، وهي حق ، فكم أهلك كثيرين تفكيرهم في المستقبل الذي لا يحيطون من علمه شيء .. فتعود عقولهم عليهم خائبة ونفسياتهم محطمة .. بل إنهم يخسرون سعادة يومهم الذي أشغلوه بالتفكير في مستقبل مجهول .. ولا يكسبون رسم مستقبلهم بما يشاؤون .

·        يقول الله تعالى في الحديث القدسي " أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء " .. إن إحسان الظن بالله لا يلزم منه أن نحدد الأمر الذي نرغبه ، أو زوال الهم ، أو شفاء المريض .. ثم إذا لم يحصل ما أمّلنا عدنا خائبين محبطين .. إنما الصواب أن نؤمل في الله خيرا ، ولا ننتظر منه إلا الخير .. والخير المطلق .. يقينا منا بـ " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن "  فما حصل من خير فهو ما أمّلناه .. وما حصل من ضر أو أمر نكرهه فهو إما أنه جاء مخففا عما قُدِّر ، أو أنه لمحبة الله لعبده ، أو لمحو سيئاته وزيادة حسناته ورفعة درجاته .

·        زوجة الرجل المريض أدلت بفائدة عظيمة بعدما فاق الزوج بعد العملية ..فقالت : كان لدينا في المدرسة لوحة معلقة في غرفة المعلمات مكتوب فيها قول النبي صلى الله عليه وسلم : " من أصبح منكم آمنا في سربه ، معافى في جسده ،عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها " فكنت أقرأه كل يوم ولم أكن أستشعر معناه .. ولكن لما ابتليت بأمر مرض زوجي أدركت عظيم نعمة العافية ، وأنها من أعظم مقومات السعادة ، وأنه لا تدفعه ولا تغني عنه أموال الدنيا .

·        من إيجابيات هذا البلاء أن أعطى هذا الرجل درسا عمليا في كيفية التوكل على الله والاستعانة به ، فيروى عنه أنه صار يتحدث حول أهمية التوكل على الله والاستعانة به وآثاره الإيجابية العظيمة بما لم يكن له سابق مثيل .

ختاما .. اللهم ألبسه ثوب الصحة والعافية .. واجعل ما أصابه تكفيرا وتمحيصا ورفعة لدرجاته وزيادة لحسناته .. واجعله مقويا لإيمانه حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه .. اللهم وجميع مرضى المسلمين .. يارب العالمين .


1 التعليقات:

غير معرف يقول...

اي والله نبإأ آلمني فعلمني


اللهم اشفه وعافه ومتعه بالصحة والعافية ومتع اسرته به

إرسال تعليق

يسعدنا رأيكم ()"